[تحرير] وفي الليلة الستين بعد الخمسمائةقالت: بلغني أيها الملك السعيد أن السندباد البحري لما ضرب الحية بالقضيب الذهب الذي كان بيده وألقت الرجل من فمها قال فتقدم إلي الرجل وقال حيث كان خلاصي على يديك من هذه الحية فما بقيت أفارقك وأنت صرت رفيقي في هذا الجبل فقلت له مرحباً وسرنا في ذلك الجبل وإذا بقوم أقبلوا علينا فنظرت إليهم فإذا فيهم الرجل الذي كان حملني على أكتافه وطار بي
الصفحة : 920
فتقدمت إليه واعتذرت له وتلطفت به وقلت له يا صاحبي ما هكذا تفعل الأصحاب بأصحابهم فقال لي الرجل أنت الذي أهلكتنا بتسبيحك على ظهري فقلت له لا تؤاخذني فإني لم أكن أعلم بهذا الأمر ولكنني لا أتكلم بعد ذلك أبداً فسمح بأخذي معه ولكن اشترط علي أن لا أذكر الله ولا أسبحه على ظهره ثم إنه حملني وطار بي مثل الأول حتى أوصلني إلى منزلي فتلقتني زوجتي وسلمت علي وهنتني بالسلامة وقالت لي احترس من خروجك بعد ذلك مع هؤلاء الأقوام ولا تعاشرهم فإنهم إخوان الشياطين ولا يعلمون ذكر الله تعالى فقلت لها كيف حال أبيك معهم فقالت لي إن أبي ليس منهم ولا يعمل مثلهم والرأي عندي حيث مات أبي أنك تبيع جميع ما عندنا وتأخذ بثمنه بضائع ثم تسافر إلى بلادك وأهلك وأنا أسير معك وليس لي حاجة بالقعود هنا في هذه المدينة بعد أمي وأبي. فعند ذلك صرت أبيع من متاع ذلك الشيخ شيئاً بعد شيء وأنا أترقب أحداً يسافر من تلك المدينة وأسير معه فبينما أنا كذلك وإذا بجماعة في المدينة أرادوا السفر ولم يجدوا لهم مركباً فاشتروا خشباً وصنعوا لهم مركباً كبيراً فاكتريت معهم ودفعت إليهم الأجرة بتمامها.
ثم نزلت زوجتي وجميع ما كان معنا في المركب وتركنا الأملاك والعقارات فسرنا ولم نزل سائرين في البحر من جزية إلى جزيرة ومن بحر إلى بحر وقد طاب لنا ريح السفر حتى وصلنا بالسلامة إلى مدينة البصرة فلم أقم بها بل اكتريت مركباً آخر ونقلت إليه جميع ما كان معي وتوجهت إلى مدينة بغداد ثم دخلت حارتي وجئت داري وقابلت أهلي وأصحابي وأحبابي وخزنت جميع ما كان معي من البضائع في حواصلي وقد حسب أهلي مدة غيابي عنهم في السفرة السابعة فوجدوها سبعاً وعشرين سنة حتى قطعوا الرجاء مني.
فلما جئت وأخبرتهم بجميع ما كان من أمري وما جرى لي صاروا كلهم يتعجبون من ذلك الأمر عجباً كبيراً وقد هنوني بالسلامة ثم إني تبت إلى الله تعالى عن السفر في البر والبحر بعد هذه السفرة السابعة التي هي غاية السفرات وقاطعة الشهوات وشكرت الله سبحانه وتعالى وحمدته وأثنيت عليه حيث أعادني إلى أهلي وبلادي وأوطاني فانظر يا سندباد يا بري ما جرى لي وما وقع لي وما كان من أمري فقال السندباد البري للسندباد البحري بالله عليك لاتؤاخذني بما كان مني في حقك ولم يزالوا في مودة مع بسط زائد وفرح وانشراح إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب القصور ومعمر القبور وهو كأس الموت فسبحان الحي الذي لا يموت